دعا مؤتمر "كلمة سواء السابع" في ختام جلساته التي عقدت على مدى يومين تحت عنوان "الذات والآخر في الاعلام المعاصر" الى التخلص من آفة التقليد بأن ينقل الاعلام العربي صورة العرب الى العرب ولا يستوردها من الاعلام الغربي، وأوصى في بيانه الختامي برصد الميزانيات الضرورية لتأسيس وتنفيذ ومتابعة الجهد الاعلامي اللازم للدفاع عن قضايا الامة ولاظهار الصورة الحقيقية لها، ويشمل ذلك انتاج البرامج الثقافية والوثائقية والفنية والاخبارية.
وشدد المؤتمر على الحاجة الى بلورة خطة عربية اعلامية حاضنة تتبنى جدول اهتمامات ومضامين تنسجم مع حاجاتنا وقضايانا وتطلعاتنا وتعتمد على قوة المعلومة وعلى حسن تقدمها. وأوصى بعدم التفريط أو التهاون ازاء قضايانا المصيرية (فلسطين، القدس والعراق) والى الانتباه الى الثوابت المتعلقة باللغة والهوية والعقل العربي.
واعتبر ان اخفاقنا ازاء الآخر يعود في جزء اساسي منه الى اخفاقنا بحق انفسنا، "وقضايانا المصيرية مع الآخرين لا يجوز ان تحجب قضايانا الداخلية وكل ما يسجل عندنا وعلينا من اهمال وانتهاكات واستبداد".
ودعا المؤتمر الى عقد لقاءات بين القوى الاعلامية العربية لبلورة الرؤية الاعلامية الملائمة، يتبعها تنسيق مع القيادات الرسمية العربية بهدف تحديد ملامح الفكر النهضوي العربي، وما فيه من عناصر الهوية والقيم والثوابت الانسانية.
كما دعا الى البناء مع القوى الصديقة والمتعاطفة في الغرب القوى الاعلامية والفكرية والاجتماعية، والتوجه الى العقل الغربي ومخاطبته بلغته سواء كان ذلك عبر اللقاءات أو الفضائيات الناطقة باللغات الاجنبية أو حجز المساحات الاعلامية في صحف الغرب لنشر ما يحرره الكتاب والاعلاميون العرب.
ومن الامور الاجرائية الاخرى التي دعا اليها المؤتمر ان توضع روزنامة بالاحداث ذات الدلالة ليصار الى احيائها على المستوى العالمين العربي والاسلامي حتى يتم تشكيل ذاكرة جماعية ترفد الهوية العربية وتشكل ثقافتها المشتركة.
واجمع المتحدثون على عمق الافكار والمفاهيم والرؤى التي اطلقها الامام السيد موسى الصدر والتي ما تزال المرجعية المناسبة لتلمس السبل الافضل للحوار ولاعطاء الأخر ما يستحقه من موقع في عقولنا ووجداننا.
الجلسة الثالثة
وكان المؤتمر قد تابع اعماله امس في قصر الاونيسكو لليوم الثاني، والذي نظمه مركز الامام موسى الصدر للأبحاث والدراسات، وخصصت الجلسة الثالثة للبحث في المحور الدولي "الاعلام والآخر" وترأسها النائب د. علي الخليل وحاضر فيها كل من د. لوري كينغ عيراني ود. قيس جواد العزاوي في موضوع صورة العرب والمسلمين في الاعلام الغربي، ومنير شفيق ومحمود صدر في موضوع الاستراتيجيات الغربية من خلال الاعلام.
واعتبر د. الخليل ان التوصل الى تحديد معنى الارهاب والتمييز بينه وبين المقاومة المشروعة يستوجب اجراء حوار بين الحضارات.
وتحدثت د. عيراني عن الماكارثية الجديدة وما تمثله من تهديد لحوار الثقافات في الولايات المتحدة الاميركية، في ظل تداعيات 11 أيلول.
ورأى د. العزاوي ان الصورة الغالبة على جوهر الذات الغربية هي الحالة الصراعية مع الآخر والنظرة الاستعلائية تجاه الشرق الاسلامي.
وتحدث منير شفيق عن انحياز الاعلام الغربي عمومًا والاميركي خصوصًا ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
وحسب محمود حيدر فان الامبراطورية الاعلامية لم تنشأ من فراغ، فهي تدخل دخولًا عميقًا في رواية أميركا الشمولية لنفسها وللعالم الذي أمامها.
الجلسة الرابعة
وانعقدت الجلسة الرابعة الختامية بعنوان "أي إعلام نريد"؟ وترأسها النائب والوزير السابق ميشال سماحة وقدم مداخلة فيها كل من: محمد السماك، رفيق نصر الله، د. جورج كلاس، حسن فضل الله، د. جورج جبور، د. قيس العزاوي، ومنير شفيق، وغاب عنها مندوب محطة الجزيرة الفضائية ومحمد المشنوق.
وتكلم سماحة عن الحرية معتبرًا انها تبدأ بحرية الذات لنحترم حرية الآخر، وان الاعلام هو فقط مساحة لقاء ومساحة حوار مشتركة.
وأكد السماك على التمسك بالحريات الاعلامية لان خسارة معركة الاعلام تعني خسارة كل المعارك الاخرى. وعرض نصر الله لتجربته في فضائية أبو ظبي في السنوات الخمس الماضية. وتحدث فضل الله عن تجربة فضائية المنار وتغلبها على الدعاية الاسرائيلية.
وكرر د. جبور الطلب من فضائية المنار تشكيل ذاكرة جماعية تهتم بالشؤون العربية والاسلامية.
واثنى د. العزاوي على الاعلام ودوره معتبرًا انه قفز في فرنسا من السلطة الرابعة الى الاولى.
ووقف شفيق موقفًا معارضًا للاهمية التي تعطى للاعلام وكأنه يصنع كل شيء معتبرًا ان الاعلام لا ينفصل عن السياسة التي يروج لها.
وعقب فضل الله على شفيق مؤكدًا ان الاعلام استطاع ان يكون شريكًا في معركة تحرير جنوب لبنان، مقدمًا أمثلة على عمليات المقاومة التي صورت وتم بثها على الهواء مما أدى الى ارباك العدو.
وردًا على مقولة ان الجسم العربي يحتضر، رفض سماحة هذا الوصف، لافتًا الى ان لا الجسم العربي ولا الاسلامي ولا اللبناني يحتضر، بل هو في حالة وهن وبحاجة لعلاج واصلاح.
بعد ذلك توالت المناقشات والاقتراحات ليختتم بالبيان الختامي والتوصيات التي أذاعها حسين نجيب حمادة.