كلمة النائب الاستاذ نسيب حطيط رئيس الجلسة الثانية من مؤتمر "كلمة سواء": الإمام الصدر والحوار
نلتقي اليوم حول فكر واحد من كبار رجالات هذا الوطن، واحد من طينة هؤلاء الذين تجاوز اشعاعهم الحدود الضيقة لطوائفهم ليطال لبنان ومحيطه العربي الواسع.
سماحة الإمام موسى الصدر، نستذكره على الاقل في اربع قضايا جوهرية لا زالت، رغم السنين العناوين الرئيسية التي ترسم معالم الفكر والسياسة في هذه البلاد:
أولاً – الموقف من لبنان الوطن والكيان. بلا تملق وبلا تعصب، اعرب الإمام الصدر، باكراً وقبل كثيرين لاحقاً، عن استيعاب عميق لقيمة لبنان الحضارية وعن الثروة الهائلة الكامنة في هذا التنوّع وهذا التفاعل الخلاق. اعرب عن ذلك بلا مواربة في زمن كانت الكلمة الفصل فيه لأدعياء الانقسام وتغليب الطوائف على الوطن.
ثانياً – الحرية، وهي الاسم الثاني للبنان، لأنها الشرط الأساسي لممارسة التنوع ولعيش هذا التنوع، كما هي الشرط الاساس للنمو والتقدم. "الحرية ام الطاقات"، يقول الإمام الصدر. "وعندما تغيب الحرية، يتقزم الفرد ثم تتقزم الجماعة"، يضيف سماحته. كم تبقى هذه الكلمات صحيحة اليوم، وكم تبقى الاولوية للحرية المهددة بكل اوجهها، عن جهل او عن عمد, وكم الحاجة اليها كي لا يفقد لبنان روحه ومبرر وجوده.
ثالثاً- الكرامة الانسانية، اي احترام الانسان واحترام الشخصية الانسانية الموجودة في كل رجل وامرأة، واحترام الحقوق العائدة لكل انسان. فلا يحرم مواطن من حقوقه الاساسية بسبب من دينه او معتقده او اصله او انتمائه الجغرافي. كذلك، لا تنمو مناطق وفئات اجتماعية وتتنعم بالثروة فيما تجاورها مناطق وفئات محرومة. فالحرمان لدى الإمام الصدر هو قبل كل شيء استفزاز للكرامة الانسانية وليس تحدياً لأفراد بعينهم دون سائر المواطنين او لطائفة بعينها دون سائر الوطن.
اخيراً، وليس آخراً، النظرة الثاقبة للإمام الصدر إلى موضوع اسرائيل والصراع العربي – الاسرائيلي. فعندما تكون الاولوية لتحصيل الحق العربي، ارضاً وشعباً، من براثن الاحتلال، نتجاوز خلافاتنا وفروقاتنا ونركز الجهود؟
هكذا رغبت أن ألخص الفكر السياسي والوطني والاجتماعي للإمام الصدر، وكم هو صعب تلخيص هذا الفكر. كم يبقى هذا الفكر راهناً رغم الغياب الطويل. وكم يبقى حاضراً لدى غالبية اللبنانيين، ممن عرفوا الإمام الصدر وعاصروه او ممن لم يعرفوه.
لا يفوتني في هذه المناسبة ان اتوجه بالشكر إلى منظمي هذه الندوة المهمة. وخصوصاً السيدة رباب الصدر شرف الدين ومؤسسات الإمام الصدر ومؤسسة الصدر للأبحاث والدراسات وآل الصدر وآل شرف الدين الكرام. والله ولي التوفيق.