كلمة رئيس الجلسة السفير فوزي صلوخ في الجلسة الخامسة من مؤتمر "كلمة سواء": الإمام الصدر والحوار
بادئ ذي بدء آسف ان اعتذر عن فضيلة الشيخ محمود فرحات الذي كان رئيساً لهذه الحلقة من حلقات كلمة سواء، لأن مرضاً مفاجئاً ألمّ بفضيلته، مما حال دون إدارته هذه الجلسة، ولكن شاء الله ان أكون هنا وأن أحلّ محله بطلب من الاخت السيدة رباب الصدر فأرجو ان أكون عند حسن الظن.
أصحاب الفضيلة، السيدات والسادة، إن هذه الحلقة من الحلقات الاخيرة من هذه الندوة التي بوشرت صباح البارحة والتي تحدث فيها نفر من أهل العلم والمعرفة، ومن أهل الشريعة والقانون والفقة، ومن أهل النظر البعيد، ومن الأهل أصحاب الكفايات والطاقات العلمية والدينية والروحية، فكانت دروساً نحن بحاجة ماسة إليها في هذا الوقت الذي تتخبط فيه الروح حيث تكاد المادة أن تطغى على الروح، ونحن نعمل بكل ما أوتينا من قوة وعزم وحزم وطاقات على أن تتغلب الروح على المادة حتى يسير الكون كما قدر له أن يكون.
الذين تكلموا عن صاحب هذه الندوة سماحة الإمام موسى الصدر، كفوا ووفوا ولكن هذا الاسم الكبير لم يكن أثره وآثاره مختصرة ولا مقتصرة على لبنان فحسب، ولا على البلدان العربية فحسب، ولا على المنطقة او الإقليم فحسب، إنّما تجاوز ذلك إلى أبعد من هذا المحيط إلى القارة الافريقية بأسرها، ويسرّني أن أشير هنا إلى تلك المرحلة المؤثرة التي قام بها سماحته في نهاية العام 1976 وبداية العام 1977 إلى القارة الافريقية ابتداءً بنيجيريا وانتهاءً السودان، وكان لي الشرف بأن اساعد على ترتيب هذه الزيارة، وكنت يوم ذلك رئيس بعثة لبنان في سيراليون، ولما لي من صداقات مع المغتربين والجاليات الاغترابية في القارة الافريقية، فقد عملت ما بوسعي في ذلك الزمن لإنجاح تلك الزيارة، وليس لفرد مثلي أن يعمل لإنجاح زيارة تقوم بها شخصية فذة كشخصية الإمام موسى الصدر.
تلك الزيارة إلى افريقيا نالت احترام الكثيرين ونالت إعجاب الكثيرين من رؤساء الدول ومن الجاليات اللبنانية والعربية ومن المواطنين الافارقة كذلك, أئمة وأفراداً، وأتذكر أن سماحته ألقى الكثير الكثير من المحاضرات والكلمات, وزار الكنائس والمساجد, صلّى فيها وأمّ المصلين مسلمين ومسيحيين في المسجد نفسه, وكانت صلاة الجمعة في يوم عاصف من أيام افريقيا المعروفة بشدة حرارتها وغزارة أمطارها، وكنا في زيارة لمنطقة في سيراليون تسمى "مكيني" وكان في نفس الوقت يزورها رئيس المجلس الوطني للاصلاح، اي رئيس الجمهورية، لأنه كان قد قام بإنقلاب وكان الحكم عسكرياً وما إن عرف رئيس المجلس الوطني للإصلاح بأن سماحة الإمام موسى الصدر، وكان قد سمع الكثير عنه، في سيراليون، حتى سارع إلى المسجد، وهو المسيحي، ليصلي معنا وسماحة الإمام يصلي ويؤم الحضور ويلقي خطبة الجمعة ولكثرة ما كثر احترام هذا الحاكم لسماحته، وكان لي شرف الترجمة من العربية إلى الانكليزية والعكس، أن يقدم دعوة رسمية مفتوحة لسماحته بأن يزور سيراليون مرة لشهر واحد على الاقل وأن تكون في شهر رمضان. هذه الزيارة وهذه الشخصية الفذة تركت أثراً طيباً في نيجيريا وغانا وشاطئ العاج وسيراليون وليبريا والسنغال وزامبيا وغيرها ...
وبقيت تلك العلاقات قوية الوشائج بين سماحته وبين رؤساء الدين من مسيحيين ومسلمين في تلك القارة. وكان معجباً بالمغتربين اللبنانيين وكان يقدرهم، وأذكر أنه برئاسة الوزير السابق أنور الخليل من الجامعة الثقافية اللبنانية في العالم كان قد قُدر لاجتماع كبير في لبنان وكان قد زارها اكثر من ألف مغترب في جميع بلدان الاغتراب في مشارق الدنيا ومغاربها واجتمعوا في ضيافة الإمام الصدر وكنت أيضاً دائماً المترجم لسماحته، والاذن تعشق قبل العين احياناً. هذه نبذة صغيرة أردت أن أبرزها عن سماحته حتى تكون مكملة للكلام الكثير الذي قيل عنه سابقاً ولا زال الكلام أكثر وأكثر يقال في سماحة الإمام موسى الصدر، فلنبدأ الآن بالندوة والمحاضر الأول هو القاضي الأستاذ عباس الحلبي.