القي الرئيس السابق للجمهوريه الاسلاميه في ايران السيد محمد خاتمي كلمه في افتتاح موءتمر "كلمه سواء" العاشر الذي ينظمه مركز الامام موسي الصدر للابحاث والدراسات الذي بدا اعماله اليوم الخميس في بيروت تناول فيها علاقهالدين بالتطورات العصريه.
واكد السيد خاتمي ان الدين هو الذي اوجد الحضارات والثقافات وان الحضاره الجديده وان نشات منفصله عن التراث فهي مدينه للغايه للثقافه الدينيه.
وتساءل: "من يسعه ان يغض الطرف عن تراث المسيحيه الباهر في كل جوانب الحضاره الجديده هذه رغم ان من وضعوا لبنه هذه الحضاره ونظروا لها يعتبرونها لا دينيه ولا يقرون هم بنزعتهم الدينيه وربما كا الفارق الاساس بين العالم الحديث وما سبقه هو ان الحضارات والثقافات الغابره كانت برمتها دينيه ولا تتنكر لطابعها الديني".
وقال : لقد واجهالدين في كل مكان وعبر كل الحقب معارضين شرسين ولمحاربهالدين كالدين نفسه ماض طويل لكن معاداهالدين في الماضي كانت تنطلق من موقف ديني اذ كان دين ما يناهض دينا آخر فيما كان المستهدفون من اتباعالدين ينبرون للدفاع عن دينهم وفضلا عن الحروب الدينيه التي شهدها التاريخ فان الفكر الانساني يدين في رقيه وتطوره اكثر ما يدين للنزاعات الفكريه الدينيه".
واعتبر السيد خاتمي ان محاربهالدين خلقت الحروب التي نشهدها اليوم وحيث تتحول الافكار والتصورات الي ايديولوجيا يقارع بعضها البعض بسلاح التعصب عالما يختلف عن الماضي اذ ادت مناجزات المعترك الفكري الي ظهور نوع جديد من علم الكلام واللاهوت يختلف عن اللاهوت القديم موضوعا وقضايا ومنهجا وحتي في العديد من الحالات هدفا وغايه.
وتساءل: "هل صحيح ما كان يزعمه رواد الفكر المناهض او المجافي للدين من ابناء الحضاره الجديده في القرن الثامن عشر وقبل ذلك او بعده بشان زوال عهدالدين ؟ وهل ان تصنيف اوغست كونت الشهير والذي قسم الحياه البشريه الي ثلاثه عهود هي الديني والفلسفي والعلمي ويعتبر اهم سمه للعصر الحديث سمته العلميه صحيح ولا غبار عليه؟".
وقال : "لقد كان من المفروض ان يوفر العلم الحديث حلولا ناجعه لكل معضلات البشريه دون الاستعانه بالوحي والعقل الميتافيزيقي، كان المفروض ان يقيم الانسان المنفعي النزعه الظاهري التوجه فردوس الاديان الموعود علي الارض، وكان مفروضا كذلك حل اكثر عقد الحياه ايلاما بمقاليد العلم".
اضاف : "بالطبع ينبغي ان لا يغيب عن اذهاننا ان تطورات مذهله حصلت بفضل الحضاره الجديده ولكن الا تواجه البشريه اليوم مشاكل مستعصيه اكثر بكثير من معضلات الماضي ؟ و هل يمكن مقارنه الحروب في العصر الحديث والدمار المادي والمعنوي الناجم عنها بما كان يحصل من صراعات في العهود السالفه ؟ اليس الخوف والقلق الذي يساور الانسان اليوم و كذلك انعدام الامن الذي يتهدد الحياه في كافه ارجاء المعموره اكثر دمارا مما عانته البشريه من اضطرابات وانعدام للامن في غابر الايام؟".
واكد السيد خاتمي ان العنف وانعدام الامن والتذمر لم يكن فياي حقبه من التاريخ مكشوفا ورهيبا مثلما هو عليه الان.
وقال : "رغم ان الحضاره الغربيه قد ادارت ظهرها للغيب الا ان تاريخ العصر الحديث لم ينا تماما عن الصراعات والنزاعات المتاثره بالحوافز الدينيه، فبغض النظر عما واجهه المستعمرون ودعاه الهيمنه في المستعمرات والبلدان التي تعرضت لغزوهم من مقاومه مستمده من منهل الايمان الديني للشعوب فاننا لاحظنا في مناطق عده وفي فترات غير بعيده من عهد الهيمنه الاستعماريه نزاعات دمويه مدمره جابه فيها كل من طرفي الصراع الطرف الاخر بدافع ديني".
اضاف: "لقد عانت الجزائر وطوال سنوات من كابوس دام تناحر فيها الاصوليون من ادعياءالدين من جهه والجيش والقوي السياسيه والاقتصاديه العلمانيه من جهه اخري".
وتابع: "وبمقياس مصغر نلاحظ الظاهره ذاتها في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ومناطق عديده اخري وحتي في تركيا التي جرتالعاده علي اعتبارها بيئه آمنه للتمثل بالغرب وللعلمنه".
وقال : "لكن هذه الظاهره لم تقتصر علي العالم الاسلامي والدول غير الغربيه ففي الغرب كذلك خلق حق المعارضه الدينيه المتاعب وهو حق يرتبط اساسا بتخليص الايمان التقليدي من تجاوزات الديمقراطيه العلمانيه.
اضاف : "بناء علي هذا وبعد حوالي قرن من رحيل نيتشه (الفيلسوف الالماني) الذي اعلن ان الايمان الديني قد ولي في الغرب انبري المفكرون والمحللون للحديث عن "ثار" الاله المتمثل في انتفاضه الموءمنين الذين ذاقوا الذل والهوان وتملكتهم العصبيه في حين ان الحقيقه شيء آخر".
ولفت السيد خاتمي الي انه "حين يغيب الله عن البال والحسبان يزول الحب وتتلاشي العداله". .قال: "وللخلاص من هذه المحنه ليس للبشريه سوي العوده الي الله واذكاء نور الايمان في القلوب وفي صميم مجتمعاتها، لكنه حذر من ذلك لا يعني الدعوه للعوده الي الماضي واحياء الاساليب والنظم اللانسانيه تحت ستارالدين ".
وقال: لا يغيب عن بالنا ان احد اهم اسباب ازورار الانسان المتحضر عن الدين يكمن في الانحرافات والتجنيات المفروضه قسرا علي البشريه باسمالدين فالعلمانيه الخاصه بتاريخ الغرب هي نتاج طبيعي وحصيله افرزها التشاوئم وسوء التصرف الجامح الذي تم باسمالدين في حقبه ما قبل الحداثه".
اضاف: "عندما اتحدث هنا عنالدين لا يتواءم حديثي اطلاقا مع اولئك الرجعيين من ذوي العقليه المنحرفه ممن يحصرونالدين في الظواهر وهو ما يعود في جانب اساسي منه الي الانطباعات الخاطئه عنالدين او العادات الموروثه من الماضي والتي تطبعت بطابع القدسيه والخلود".
واردف : "لا اعني بالدين السلوكيات القاسيه واللاحضاريه التي تعارض متشدقه بالدين كل ما هو حديث ورائد، وتعتبر القتل والارهاب جهادا، واطفاء جذوه العقل ايمانا، وحرمان المراه من كافه حقوقها تقوي، والتصدي للعلم والتطور زهدا".
وتابع السيد خاتمي بالقول: "ان البشريه بحاجه اليالدين ورسالهالدين هي هدايه الانسان ، فالدين لم يحل ابدا بديلا للعقل البشري في تصريف شوءون الحياه بل يوءكد علي اهميه التدبير والتعقل وينشد الحريه والحكمه والعزه للانسان".
واكد ان "الدين الحق يوجه الحياه التي ينبغي ان تسري في صميم هذه الطبيعه لكنه يعد الانسان اعظم من الطبيعه باسرها والطبيعه رهن تصرف الانسان ، غير ان هذا التصرف يعني التناغم مع عالم يسبح علي الدوام لله ولا يعني العبث فيه والذي تعاني البشريه اليوم من مضاعفاته السيئه والانسان اسمي من الطبيعه لا من حيث تميزه بالعقل وحسب بل بموهبه الحب التي حرم منها حتي الملائكه".
وقال : "فالايمان الذي اقصده هو ذلك الايمان الذي من شانه ان يحرر الانسان من رهبه الارتماء في خضم الوجود اللامتناهي ويزيل عنه آفه الحزن والهلع الفتاكه ، انه الايمان الذي يصل مدينه الله التي دعا اليها القديس اغسطينس، بمدينه العالم الحديث ليتقاسم اهاليها سلطه الشعب والمعنويه والعداله والنعيم".
وختم السيد خاتمي كلمته قائلا: "و لكي يتحرر عصرنا فهو بحاجه الي الدين ، الي دين يوءمن فضلا عن الله بالعداله و الحريه و حقوق الانسان و يكفر بالفقر والجهل والحرب والارهاب واذلال الانسان".