أكد الرئيس الايراني السابق السيد محمد خاتمي ان "البشرية بحاجة الى الدين لتصويب شؤون الحياة وتحقيق التنمية والعدالة، فلا يمكن مقارنة الحروب في العصر الحديث والدمار المادي والمعنوي الذي تلحقه مع حروب العهود السابقة، وانعدام الأمن وهذا الدمار في ارجاء المعمورة سببهما الابتعـــاد عن الدين"·
كلام الرئيس خاتمي جاء في مؤتمر "كلمة سواء" العاشر تحت عنوان "التنمية الانسانية·· أبعادها الدينية والاجتماعية والمعرفية"، نظمه مركز الإمام موسى الصدر أمس، في قصر الأونيسكو - بيروت·
حضر الافتتاح وزير الطاقة والمياه محمد فنيش ممثلاً رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، النائب أيوب حميد ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي وصل قبل انتهاء جلسة الافتتاح، وزير الخارجية فوزي صلوخ ممثلاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة· كذلك حضر رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية السابق محمد خاتمي، رئيس أساقفة أبرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، الشيخ محمد ناجي بلطة ممثلاً مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، الرئيس حسين الحسيني، الرئيس رشيد الصلح، سفير ايران في لبنان مسعود الادريسي، الشيخ نعيم قاسم ممثلا الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، ممثل العلامة السيد محمد حسين فضل الله، وعدد من الوزراء والنواب وأعضاء من السلك الدبلوماسي وشخصيات·
بعد آي من الذكر الحكيم والنشيد الوطني اللبناني، عرض رئيس مركز الإمام الصدر للأبحاث والدراسات صدر الدين صدر لمواقف الإمام موسى الصدر، حيال اهمال الدولة في الستينيات، فذكّر بالمؤتمر الصحافي الذي عقده الإمام الصدر في عام 1966 والذي "تعرّض فيه للمحرومين ومطالبهم وآمالهم في لبنان، وحمّل الدولة مسؤولية اهمال جزء كبير من الشعب اللبناني، ولا مبالاتها حيال الاعتداءات الاسرائيلية ممّا زاد بقعة الحرمان"·
وأكد الصدر أن سبب "الحرمان برأي الإمام موسى الصدر كان البنية الطائفية للدولة في كل مؤسساتها، لذا وقف ضد النظام الطائفي في لبنان لأنه لم يحقق المساواة بين ابناء الوطن الواحد"·
ودعا محترف ومبتكر معرض "موسى الصدر··· الإمام الرؤيوي" الفنان جورج زعني إلى "استذكار خطابات الإمام الصدر وما حثنا عليه، لنلغي معها مصالحنا الفئوية والطائفية"· وأضاف: "استوقفتني مطولاً عبارته الفن هو مرآة الحضارات، والمعرض هو عربون وفاء له"·
بعد ذلك، تحدث الشيخ دالي بلطة باسم مفتي الجمهورية، داعياً بدوره "لتتبع خطوات الإمام الصدر، لأن هدفه لم يكن سوى التنمية الانسانية"·
ولفت المفتي قباني في كلمته الى "اننا ندفع ثمناً باهظاً اليوم من ثروتنا الانسانية، فبالامس افتقدنا الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أطل علينا من باب التنمية الانسانية، ففتح أبواب العلم على مصراعيها، ومدّ يده لكل محتاج وأسعف المرضى، وجال وصال من أجل إعادة هذا البلد الى موقعه الحضاري"·
وتساءل: "لِمَ كانت هذه النهاية المشؤومة؟"·
وأضاف: "إن الهدف هو الإساءة الى هذه الأمة وحرمانها من عناصر تقدّمها·· إنها مؤامرة كي تبقى أمة مستهلكة وسوقاً تجارياً لسلعهم، واستعمارها سياسياً واقتصادياً، وهذه حالة تستدعي مواجهة شاملة للخروج من حالة العجز، واليوم لا شيء يبشّر بالتنمية الانسانية"، منبّهاً إلى أن "حالة التشرذم هي مدخل واسع للاستعمار"·
من ناحيته، أشار البطريرك صفير في كلمته التي ألقاها المطران بولس مطر إلى أن "الفكر الماركسي الذي صوّر المادة اساساً للروح سقط نظرياً وعملياً، وفي المقابل قوّم أهل الإيمان، وتحديداً الإمام موسى الصدر الاعوجاج في تلك الافكار القاصرة عن الحق"·
وأكد مطر أن "الدين هو سند التنمية، ولا سبيل إلى تحقيقها حيث يُفقد البعد الديني، ولكنه اليوم يواجه مشكلات نتيجة حضارة الاستهلاك، والتنعّم الفردي بثروات الارض"·
من جهته، لفت الشيخ عبد الأمير قبلان إلى أن "التنمية صعبة جداً مع وجود الأنظمة الفاسدة"، مؤكداً أنه "مع خيار المقاومة منذ عام 1948، قبل ولادة حركة أمل وحزب الله"· وقال: "جاء الإمام الصدر ونفض الغبار، ووحّد الصفوف، وقام بنشاطات عديدة، لذلك أتعبنا خلال حياته، وأهلكنا بعد غيابه، فهو كان نوراً وعملاً مستمراً وصاحــب طاقة جبارة·
وفي الختام، تحدث الرئيس خامتي مؤكداً أن "الإمام الصدر كان زعيماً للشيعة في لبنان، إلا أنه كان الأب الرؤوف لكل الاديان والطوائف، وكان ينشد الاستقرار والحرية والاستقلال والتقدّم للبنان، ويسعى للعيش المشترك بين المسلم والمسيحي والدرزي"·
وأشار خاتمي إلى أن "الدين واجه في كل مكان وزمان معارضين شرسين، لكن محاربته اليوم اختلفت شكلاً"، وتساءل: "هل صحيح ما كان يزعمه رواد الفكر المناهض للدين من أبناء الحضارة الجديدة، بشأن زوال عهد الدين؟"·
وتطرّق الرئيس خاتمي الى الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه الذي ذكر في كتابه "علم الجدل" مسألة ابتعاد البشرية عن الله، وأكد أنها "قتلته بنفسها"·
ودعا خاتمي إلى "العودة الى الله والايمان في القلوب، لكن هذا لا يعني العودة الى الماضي وإحياء النظم اللاإنسانية تحت ستار الدين"·
وبعد الظهر، أقام الرئيس بري مأدبة حاشدة تكريماً للرئيس الايراني السابق السيد محمد خاتمي الذي يزور لبنان، حضرها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان، وزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ، وزير التربية خالد قباني، وزير الصحة العامة الدكتور محمد خليفة، وزير الزراعة طلال الساحلي، وزير الطاقة والمياه محمد فنيش ووزير العمل الدكتور طراد حمادة، سفير ايران مسعود الادريسي، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وحشد من النواب، المطران بولس مطر، المطران يوسف كلاس، متروبوليت بيروت لطائفة الروم الارثوذكس المطران الياس عودة، ونجلا الامام الصدر السيدين صدر الدين وحميد الصدر·