* مؤتمر “كلمة سواء” العاشر "التنمية الانسانية ابعادها الدينية والاجتماعية والمعرفية"
بسم الله الرحمن الرحيم
التنمية الإنسانية لا بد لها أن تبدأ من الإيمان بالله تعالى ومن ثم تنتقل للإنسان ليأخذ موقعه بين سائر الخلائق باعتباره خليفة الله على هذه الأرض يعمرها ويبني عليها مدينته وحضارته وليكون المخلوق العزيز الكريم الذي فضله الله تعالى على سائر مخلوقاته (ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً) هذا الإنسان الذي كرّمه الله تعالى وفضله على كثير ممن خلق إنما تصان كرامته بما جاء به الدين من قيم إنسانية تتمثل في تطبيق العدالة والحرية والمساواة والتعاون بين البشر وتصان كرامته أيضاً بتطبيق ما حرم الله تعالى من اعتداء على حياة الناس وأعراضهم وأموالهم، وكذلك نرى كيف كرم الله تعالى الإنسان بما هيأ له من أسباب العلم والمعرفة حيث يقول تبارك وتعالى وهو يتكلم عن سيدنا آدم عليه السلام (وعلَّم آدم الأسماء كلها) وكانت الكلمة الأولى التي تنزل بها الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم (إقرأ) وهكذا إن مشروع التنمية في الدين وما يتضمن من قيم إنما هو مشروع للتقدم والنهوض بالمجتمع، وذلك انسجاماً مع نظرة الدين للكون الذي خلقه الله تبارك وتعالى وسخره لخدمة الإنسان من أجل استمراره في هذه الحياة وقيامه بوظيفته خليفة لله على هذه الأرض. مصداق ذلك قوله تعالى (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه طاهرة وباطنة) وهنا نأتي لطرح هذا السؤال: إذا كان الله تبارك وتعالى قد خلق السموات والأرض وجعلها مسخّرة لخدمة الإنسان فيكون من الواجب والمحتم أن تأتي القوانين والشرائع والعلوم والفنون لخدمة الإنسان دون أن تفرق بين الناس بسبب اللون والجنس أو الطائفة أو الحزب أو المذاهب ويكون ذلك كما أشرنا انسجاماً مع الخط الكوني في خدمة الإنسان وعلى هذه القاعدة تكون التشريعات التي لا تراعي العدالة والمساواة في القيمة الإنسانية تشريعات مرفوضة إنسانياً وكذلك العلوم التي تنشر الأسلحة المدمرة للحرب وقتل الناس الأبرياء كالأسلحة النووية إنما هي علوم مرفوضة أيضاً وتتعارض مع التنمية الإنسانية والقيم الحضارية.
إن البعد الديني للتنمية الإنسانية يحتم علينا أن ننظر للمستقبل وأن نضع المشروع الذي ينهض بالوطن والمجتمع في جميع القطاعات سواء كان ذلك في الاقتصاد أو في التربية أو في النواحي الاجتماعية وسائر النشاطات ولا بد لنا ونحن نتحدث عن التنمية الإنسانية أن نتساءل عن الأسباب التي كانت وراء إلغاء وزارة التصميم في لبنان لما لهذه الوزارة من فائدة في مجال التنمية ورسم صورة المستقبل.
إن البعد الديني للتنمية الإنسانية يحتم علينا أن ندرس الواقع الدراسة العلمية مستفيدين من تراثنا الحضاري والثقافي والديني متطلعين إلى بناء مستقبل كريم لوطننا ومجتمعنا وذلك من خلال تهيئة وتصميم المشاريع اللازمة من قبل رجال الاختصاص وفي سائر القطاعات والنشاطات الإنسانية.
والشكر الجزيل لمركز الإمام السيد الصدر للأبحاث والدراسات على ما يبذل من جهد يشكر عليه لإقامة المؤتمر العاشر كلمة سواء في موضوع التنمية الإنسانية أبعادها الدينية والاجتماعية والمعرفية.