استأنف مؤتمر"كلمة سواء العاشر" الذي ينظمه مركز الامام موسى الصدر للابحاث والدراسات اعمال جلساته صباح اليوم في قصر الاونيسكو, فتمحورت الجلسة الاولى حول "التنمية عربيا"، في سياق العنوان الاساسي للمؤتمر وهو "التنمية الانسانية: ابعادها الدينية والاجتماعية والمعرفية".
وقد ترأست الجلسة الاولى امينة اللجنة الوطنية لليونسكو سلوى السنيورة بعاصيري نيابة عن رئيسة لجنة التربية النيابية النائبة بهية الحريري، التي اعتذرت عن عدم تمكنها من الحضور.
واشارت بعاصيري في كلمتها الى المأزق التنموي الذي تعيشه المنطقة العربية، "اذ ان 16,8 في المئة من العرب فقراء و21 في المئة من الشباب عاطلين عن العمل, ونصف النساء أميات, ونشاط المرأة الاقتصادي هو الادنى في العالم ولا يتجاوز 29 في المئة من قوى النساء في سن العمل, ومعدل مشاركة المرأة في المعترك السياسي هو الادنى في العالم".
ورأت "ان اسباب التقدم لدى الدول المتقدمة ليست بسبب الفرد العربي بذاته, بل تعود الى مناخ عام مؤات". وميزت بين مفهومين للتنمية لدى الامم المتحدة, حيث الاول رصد النمو الاقتصادي واستطرادا مستوى دخل الفرد, في حين اعطى الثاني مفهوم التنمية الشاملة بابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعرفية والثقافية. يسين
ثم تحدث الدكتور السيد يسين المستشار في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر, فرأى "ان الاسئلة التي تطرحها الثقافة العربية في الوقت الراهن متعددة ومعقدة ومتشابكة," مشيرا الى ثلاثة وجوه للثقافة العربية المعاصرة: وجه يتعلق بالماضي وينحو نحو اعادة اختراع التقاليد. وجه الحاضر ويتعلق بعاصفة القرن الحادي والعشرين وكيفية التعامل مع العولمة بتجلياتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاتصالية. ووجه المستقبل وفيه تتجلى غياب الرؤية الاستراتيجية العربية, هذه الرؤية التي تقوم على الحرية السياسية والعدل الاجتماعي والانفتاح الثقافي على العالم.
بعلبكي
اما الدكتور احمد بعلبكي الاستاذ في الجامعة اللبنانية فقد تناول قضية "التنمية والمشاركة في مجتمع لا يحكم سوقه" تطرق فيها الى انماط الرأسمالية التي توسعت في العقود الاخيرة في العالم, والى السجال الدائر حول مجتمع السوق في الدول الغنية"، متسائلا عن "حدود الشراكة المتاحة لمجتمعاتنا العربية في الاسواق المتعولمة, وعن حدود المشاركة المتاحة للطبقات المتوسطة والشعبية في مجتمعات باتت تخسر من سيادتها على اسواقها وعلى تماسك مجتمعاتها"؟
وختم محاضرته بمجموعة من التساؤلات حول قدرة الفقراء على المشاركة في مجتمع السوق فقال: "هل ان عوام العصبيات تشارك فعلا في السياسة عندما تقترع؟ ام هو مفهوم السياسة في الثقافة الطائفية؟ ولماذا يرجح في المناخ السياسي الطوائفي مفهوم التيار على مفهوم الحزب؟ أليست هي خصوصية الثقافة الطائفية في لبنان التي تحصر القرار بالزعيم الذي يفدى بالروح والدم، والذي يجب ان يبقى فوق مؤسسة الحزب ونظاميته؟ وهل يمكن ان يكون دور المرجعيات الدينية اكثر التزاما بمعاش الناس في طوائفهم واقل ارتباطا بسياسات زعمائها؟ وهل يمكن ان يتضمن اعداد الائمة والأكليروس مستوى جامعيا او نصف جامعي في علوم المجتمع والتنمية الاجتماعية لتمكينهم من فهم اوضاع جماعاتهم فلا يستسهلون في تعبئتهم التعنصر احيانا كثيرة ولا يجهدون لالهائهم عن دار الفناء في الدنيا ونعمها التي لا تدوم الا للاخرين"؟
مقصود
وتلا لؤي شرف الدين نص محاضرة الدكتور كلوفيس مقصود لتعذر حضوره وحملت عنوان "التنمية العربية بين الاصلاح من الداخل والضغوط من الخارج" اشار فيها الى تأكيد ان "انتهاج الصرامة في نقد الذات يحول حتما من هدم الذات", رافضا تعريف الواقعية بانها رديفا لديمومة الاوضاع السيئة".
ولفت الى "تحدي ان نجعل من التنمية نقيضا للحرمان، والى تجاوز بعض البلدان سجن التعلق بتعريفات ضيقة ومتقوقعة للسيادة لأنها وعت ان جزءا من ممارستها للسيادة هي ان تضع بعضا منها في نطاق السيادة الجماعية حرصا منها على مناعتها وتعزيزا لمصالحها وتأمينا لسيادتها الواعية".
ورأى مقصود "ان اكثر التنشئة انتشارا في الاسرة العربية هي اساليب التسلط والحماية الزائدة مما يؤثر سلبا على نمو الاستقلال بالنفس عند الطفل, في حين ان تردي نوعية التعليم من اخطر المشكلات, ويبقى الاعلام العربي دون مستوى الاعلام العالمي, وينخفض عدد الصحف الى 53 صحيفة لكل الف شخص, يقابله 285 صحيفة لكل الف شخص في الدول المتقدمة, وهناك 18 جهاز كمبيوتر لكل الف شخص يقابله في المتوسط العالمي 78,3 في المئة لكل الف شخص, في حين يبلغ عدد مستخدمي الانترنت 1,5 في المئة من سكان الوطن العربي".
واكد مقصود "ضرورة اطلاق حريات التعبير والرأي، واصلاح التعليم، وانهاء سلطة الاجهزة الامنية، وبناء قدرة ذاتية على البحث والتطوير الثقافي، وتنويع البنى الاقتصادية والاسواق وتأسيس نموذج معرفي عربي الخ".
ونقل مقصود عن تقارير التنمية الانسانية العربية ضرورة التمييز بين الارهاب والمقاومة, واعتبارها "ان الاحتلال الاسرائيلي يعرقل ويؤخر التنمية الانسانية العربية", و"ان التنمية الشاملة تسهم في تجفيف مصادر الارهاب وتعزز فرص القضاء على الحرمان".
ومن المقرر ان يتابع المؤتمر اعماله بعد ظهر اليوم عبر جلستين تتناول الاولى "البعد الديني للتنمية الانسانية"، ويتحدث فيها القاضي الشيخ احمد الزين والمطران جورج خضر والشيخ محمد زراقط.
اما اما الثانية فتتناول التنمية الانسانية في فكر الامام موسى الصدر وتجربته, ويتحدث فيها كل من القاضي الدكتور عباس الحلبي والدكتور ساسين عساف والدكتور غسان طه ورائد شرف الدين.