درس الحسين

calendar icon 01 شباط 1974 الكاتب:موسى الصدر

أبعاد معركة كربلاء لا تنتهي ولا تنضب، وبالنسبة إلى الإمام الصدر فإنها المعركة الفاصلة بين الحق والباطل، ومن مواقف الإمام الحسين (عليه السلام) يستمد دروسًا للواقع المُعاش للحفاظ على الوطن والإنسان والعدل. النصّ كاملًا:

* خطبة للإمام الصدر بمناسبة ذكرى عاشوراء- اليوم التاسع في النادي الحسيني في الغازية بتاريخ 1 شباط 1974،  منشورة في جريدة النهار وجريدة البيرق ، 2 شباط 1974.
الحسين أكّد أن الحقّ والباطل عندما يتعارضان، مهما تكن قوة الباطل ومهما يكن الباطل مزودًا بالسلاح وبالمال وبالسلطة والاعلام، وكلّ ما يملكه بالعمل، فإن في إمكان الحقّ أن يتغلب عليه ساعة يريد. لكن، الحقّ المصفّى الحقيقي، لا الحقّ المرتجف، الحقّ الصامد، لا الحقّ المتراجع، الحقّ المستقرّ المستمرّ. والمطالبة المستمرة والمواقف المستمرة هي التي تقلب المقاييس وتتسرّب في صفوف الأعداء. وعندما يشاهد الإنسان المعركة وتتضح أبعادها أمامه لا بدّ أنه يتراجع فتتحول المقاييس إلى مصلحة الحقّ. وهكذا ينتهي الباطل.
هذا درس الحسين. نحن اليوم وفي عصرنا، نقف أمام هذه المعركة، معركة الحسين، ماذا نستفيد منها؟ ماذا نتعلم منها؟ كيف نفهمها؟
أمام هذه الصورة، نريد الحقّ، الحقّ وميازين الحقّ، ونريد العدل لأن العدل أساس الملك، ولبنان يقوم بصورة خاصة على أساس العدالة.
لماذا وضعوا الطائفية في هذا النظام؟ لأيّ سبب كانت نيّتهم؟ لماذا أرادوا أن يضعوا هذا الموضوع في الدستور اللبناني؟ أقول، لو تُرِكَ في ذلك الزمن، يتسابقون على المراكز بكفاياتهم لما وصلنا إلى ما نحن عليه.
العدالة يجب أن تسود المواطنين، والوظائف يجب أن تتوزع بين الطوائف بحقّ وعدل. إن المركز الشيعي قد امتلأ بشهادات شباب الطائفة الشيعية وبطلبات التوظيف، ولكن الدولة، كما تعلمون هي الدولة؟!
هل العدالة موجودة في لبنان؟
الحسين لماذا خرج؟ لو بقي يصلي لما حصل ما حصل.
قال الحسين للحاكم أنت مخطئ، عليك أن تُنصف، وعليك ألا تتكبر، وعليك ألا تستأثر وأن تبتعد عن الفسق والفجور. قال للحاكم ذلك فقتله.
هل يمكن تجاهل شؤون الفقراء؟ الذي لا يبالي بأوضاع المعذبين، هذا كافر، مكذِّب بالدين. كيف تريدون منّا أن نتجاهل ونحن في مقام الدين؟
إذًا، الحسين في هذه المدرسة يعلمنا ذلك ويؤكد لنا أنه لا يكفي أن تصلي أيّها المواطن وتصوم. يجب أن تُنصف. ليس المطلوب تسييس الدين، إنما المطلوب تديين السياسة. نريد السياسة أن تتدين، وأن تُنصف وأن تصحح وأن تعدل، لأن الحكم يبقى مع الفقر لكنه لا يبقى مع الظلم. ارحموا أنفسكم أيّها المسؤولون. ارحموا أولادكم. نحن ضمان هذا البلد واستقراره.
إذا قلنا اعطوا الجنوب حقّه وعكار والبقاع... واعطوا الشيعة حقّها والعمال والفلاحين كذلك.
دافِعوا عن شرف هؤلاء الأبرياء، الذين هم على الحدود، التي هي بالمقابل مع أشرس عدوّ عرفه التاريخ، دافِعوا عن كرامة هذا المواطن.
إذا قلنا هذه الأمور يعني أننا حفظنا هذا البلد، لأن الشعار خرج من حنجرة طاهرة. لا أريد مخترة ولا رئاسة ولا نيابة. حتى لا أريد رئاسة المجلس الشيعي. شرف كبير لي أن أقف على المنبر الحسيني، وأتحدث ويسمعني آلاف من الناس لأوجههم بسيرة الحسين. أنا قلبي محروق على لبنان وعلى مواطنيه الذين يجاورهم أشرس عدوّ في العالم. وهو كما عمل مع الفلسطينيين سيعمل معنا.
نحن محزونون على نتائج هذا التصرف، وعلى نتائج الاستئثار والاحتكار والتجاهل والاستهتار. نقول اعطونا حقّنا.
إذا حكم المسؤولون شعبًا فقيرًا متهالكًا فلا دوام لعروشهم.

source