العمل والعمال: المحاضرة الرابعة

الرئيسية صوتيات التفاصيل
calendar icon 30 كانون الثاني 1971 الكاتب:موسى الصدر

* محاضرة في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
بسم الله الرحمن الرحيم
في الأسبوع الماضي لخّصنا حديثنا حول مشكلة التوزيع وحصة العامل من البضاعة، ووصلنا إلى مفهوم جديد عن القيمة، ثم قلنا إن ما يحصل [هو] نتيجة لاقتران العمل والآلة ورأس المال أكثر من كميات العمل التي تُشارك في تكوين البضاعة، يعني ما نسميه في المصطلح بزيادة الثروة، وما يُسمّى بالمصطلح الفني الربح الصافي على أساس أن ما يحصل من قيمة العمل بأي شكل بشكله الطبيعي الصادر من العامل، وبشكله المتجسد في الآلة، وبشكله المتبلور في رأس المال، كل كميات العمل المشاركة في تكوين البضاعة يجب أن يصلها حقّها بأي شكل بالنسبة للعمل بشكل الأجرة أو الحصة أو [الإثنين معًا]، وبالنسبة للآلة بشكل الأجرة، وبالنسبة لرأس المال بشكل الحصة.
من يوزّع؟
بطبيعة الحال الصورة الطبيعية للتوزيع صورة الاتفاقية، وكما يُقال الاتفاقية أو العقد شريعة المتعاقِدَين. نقف لحظة عند هذه الكلمة، الإسلام يفترض في المتعاقِدَين أن يكونا واعيين لمصلحتهما وبعيدَين عن جوّ الإكراه والاضطرار والغبن. مع ذلك إذا أراد شخص أن يتنازل عن حقّه [فهو] حرّ؛ ولذلك، يشترط الإسلام الرشد في المعاملة كما نعرف. طبعًا هذه المفاهيم يجب أن نأخذها بالمعنى العميق. يُشترط الرشد في المتعاقِدَين، معاملة السفيه باطلة، الذي هو غير واعٍ لمصلحته هذا لا تصحّ منه المعاملة، القرآن الكريم يقول: ﴿وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدًا فادفعوا إليهم أموالهم﴾ [النساء، 6]، مال الطفل اليتيم أو غير اليتيم، -اليتيم باعتبار أنه غالبًا له أموال، غير اليتيم أمواله لأبيه، فاليتيم [هنا] من باب المثل- أموال الطفل الخاصة لا تُدفع إليه حتى إذا آنستَ منه رشدًا، إيناس الرشد يعني نعطيه تجربة هل هو واعٍ؟ هل إذا اشترى بضاعة يُغبن أو يُغش أو لا؟ فمعاملة السفيه باطلة؛ فإذًا، المفروض في المتعاقِدَين أن يكونا راشِدَين.
ثانيًا، الجهل في المعاملة، [لو] فرضنا أن شخصًا راشدًا ولكنه جاهل بهذه البضاعة، الجهل بالمعاملة مُبْطِل لأن الغُرر والجُزاف وبيع المجهول باطل في الإسلام. شخص يجلب لي علبة ويقول أبيعك ما في هذه العلبة بثمن عشر ليرات، هذه المعاملة الشايعة بالنسبة للقماش غالبًا، ماذا يوجد؟ لا أعرف! قد يكون فيها عشر ليرات، قد يكون فيها ليرة، قد يكون فيها مئة ليرة. هذا يُعتبر في الإسلام نوعًا من القمار، هذه المعاملة باطلة هذا ما نسميه الجُزاف، ونهى النبي عن الغُرر، أو نهى النبي عن البيع الغُرر.
فأولًا، يجب أن يكون الشخص واعيًا.
ثانيًا، لا يتعاقد على المجهول.
ثالثًا، ظروف المعاملة [يجب أن] تكون ظروفًا طبيعية، أي أن لا يكون هناك إكراه واضطرار.
كيف ممكن أن يكون الإكراه والاضطرار إذا أردنا أن نأخذها بالمعنى العميق، حينًا، شخص ما يضرب رأسي ويقول لي: هيّا بِعْ بيتك بالسعر الزهيد؛ حينًا يعملونtrust  ضدي، احتكار ضدي، تواطؤ ضدي... أيضًا ظروف غير طبيعية، فيفترض الإسلام أنه إذا أمّن الشروط من رشدٍ وعلمٍ، وأيضًا الظروف الطبيعية يعني البُعد عن الإكراه، فإذًا، المتعاقِدين هم يحمون حقوق أنفسهم، يعني البائع والمشتري، الزوج والزوجة، العامل وصاحب الآلة وصاحب رأس المال كل واحد [منهم] يستلم حقوقه، لأن الرشد موجود والعلم موجود والظروف الطبيعية موجودة.
ولكن إذا وُجِد أن هذه الظروف لا تتوفر، بطبيعة الحال السفيه يُعيَّن له قيّم، إما قيّم فرد أو قيّم الدولة، المجهول والظروف غير الطبيعية معاملتهما باطلتان، فإذا شخص ما اغتنى نتيجة لجهل الآخرين، هذا مال ليس له... المعاملة باطلة، تؤخذ منه هذه الأموال. يعني إذا أردت أن توسّع المفهوم تصل إلى هذه النتائج؛ وأذكر لكم مثلًا: الزواج، الإسلام اقترح صورةً طبيعية من الزواج فقال: الصورة الطبيعية من الزواج ألّا يكون حقّ الطلاق إلّا بيد الزوج، والزوجة تعرف ما لها من الحقوق وفي ظروف معينة أعطى الإسلام هذه الصورة. تغيّرت الظروف حصل هناك نوع من العناد، أو الظلم، أو السيطرة، أو الظروف غير الطبيعية في المجتمع، هذه الظروف جعلت الزوجة لا تثق أو جعلت الزوج لا يثق، عند ذلك الإسلام سمح لهما أن يُطوِّرا عقد الزواج، يعني قال لهما يتمكن كل واحدٍ من الطرفين أن يضع الشرط الذي يريد ضمن عقد الزواج إلّا شرطًا خالف كتاب الله.
ولذلك، اليوم يتمكن الطرف -يعني الزوجة تتمكن- من فرض شروط ضمن العقد، مثلًا إذا طلّق الزوج زوجته دون سبب صحيح مشروع معقول، فعليه أن يدفع مبلغ كذا، أو عليه أن يُنفق على زوجته ما لم تتزوج من رجل آخر، هذا شرط لا يُخالف كتاب الله أبدًا. ما نتيجة هذا الشرط؟ يُقفل يد الزوج في الطلاق، لا يقدر أن يُطلّق هكذا، لماذا؟ لأنه بمجرد ما أراد أن يطلّق يجب أن نسأل هل هذا السبب شرعي أو غير شرعي، سبب صحيح أو غير صحيح؟! أوتوماتيكيًا، كل طلاق ينتقل إلى المحكمة، فالمحكمة تنظر في القصة إذا كان السبب مشروعًا يُطلِّق أو يوافق على الطلاق، إذا كان السبب غير مشروع، نتمكن من ذلك أن نفرض على الزوج شروطًا جزائية قويّة. هكذا نجد أنه نضع حدًّا للاستهتار الموجود عند بعض الرجال، وهكذا أمثال ذلك.
هذه الصوَر، صوَر جديدة من الزواج، الإسلام افترضها نتيجة لوجود قانون: المؤمنون عند شروطهم، ولكن من سينفّذ؟ إذا كان وعي الزوجين قائم فهما يُمارسان هذا الشيء، وإذا لم يكن هناك من وعي، المفروض أن الدولة أو الحاكم يحمي هذه الحقوق... الشيء نفسه.
ننتقل إلى توزيع الثروة، قلنا إن العمل بشكل عمل العامل، والعمل المتجسد بشكل الأجرة بشكل الآلة، والعمل المتجسد بشكل رأس المال كل عمل يجب أن يأخذ قيمته، بأي شكل؟ إمّا بشكل الأجرة، أو بشكل المساهمة أو بالشكلين.
من يحمي؟ المفترض أن المتعاقدين يحمون أصحاب العلاقة لأنه لا سفه ولا جهل ولا إكراه. إذا وُجِدَت هناك ظروف استثنائية، ظروف طاغية، من المفروض أن الحكومة، أن الحكم، أن الدولة تحمي حقّ الضعيف.
نأتي إلى حقّ العمل، هناك ربح صافٍ، الربح الصافي كيف يتوزع؟
أيضًا إذا كان عندهم وعيًا بمقتضى اتفاقية مسبقة، إذا لم يكن [هناك] وعيًا يجب أن تكون هناك دولة تحمي حقوق العامل وغير العامل. فالربح الصافي أيضًا يتوزع، إما حسب الاتفاق المسبق الذي يصدر عن وعي ومعرفة وخبرة (يعني يعرف العامل أنه له في هذه الآلة أو في هذا المصنع من البضاعة مبلغ كذا، إذا هو أراد أن يتنازل يتنازل بظروف عادية... هو يريد أن يدفع يدفع).
وكما ذكرت عند توزيع الربح الصافي نجد أنفسنا أمام عنصر جديد هو عنصر المجتمع، يعني الحقوق الشرعية: الخُمُس والزكاة، يعني يكون داخل الربح الصافي مبلغ كذا هذا أيضًا يجب أن يُدفع، يعني الجهة الشخصية المعنوية تشترك في توزيع الربح الصافي، لِمَن؟ للذين لا يتمكنون من تقديم عمل والذي يحرمهم المجتمع الرأسمالي والمجتمع الاشتراكي [من إمكانية العمل]، لأنه لا يُقدّم عملًا... فإذًا، يجب أن يموتوا، بينما من الذي حرمهم من إمكانية العمل؟ المجتمع. يعني يتعذبون لسبب ما شاركوا في تكوينه، صاروا عاجزين، صاروا ناقصين، هؤلاء الذين يجب أن يستفيدوا من الحقوق الشرعية. فإذًا، الذين يستفيدون من الحقوق الشرعية هُم العمال الذين لا يتمكنون من تأمين مستوى عَيشهم.
هنا أيضًا نقف لحظة، مستوى العيش أيضًا يتغير. فالذي ما كان عنده وسيلة للتنقل قديمًا، ما كان فقيرًا، اليوم إذا شخص كان عنده دابّة وتنقله من طرابلس أو من صور أو من صيدا إلى بيروت ولا يتمكن من ركوب السيارة هذا فقير؛ يعني الفقر يختلف حسب مستوى تقدم المجتمع. ولذلك، في بحث الزكاة الذي قد يلي هذا البحث، نتحدث أنه كيف الحقوق الشرعية التي نسميها بالزكاة والخُمُس هذا مباشرة انتقال الثروة من الطبقة الأغنى إلى الطبقة الأقل غنىً... الذي يسمّى بالمصطلح الإسلامي فقير، الفقير لا يعني الجوعان، كل يوم الفقر له مستوى، كلما تحسن وضع المجتمع ككل يرتفع مستوى الفقر أيضًا.
فإذًا، نحن على ضوء ما عندنا من مفهوم القيمة، تصورنا أن الثروة تزداد، وأن البضاعة التي هي خلاصة العمل المشترك، والربح الصافي يجب أن يتوزع، ضمانة التوزيع العادل وعي أصحاب العلاقة في ظروف لا سفه ولا جهل ولا إكراه، وإلا فالدولة تحمي وتُحدد هذه الظروف.
هذه خلاصة الحديث والنظرية أو الرأي الإسلامي الذي ذكرنا. طبعًا هناك أبحاث كثيرة حول العمل والعمال لا يمكن اعتبارها أبحاثًا فنية، ولكن لا تبتعد أيضًا عن صيانة حقوق العامل والعمال، مثلًا الأحاديث التي تُحرِّض وتصون حقّ العامل، قد يسأل أحدنا كيف من الممكن أن تتدخل الدولة في هذه الشؤون؟ [...].
هناك في الإسلام ثلاث معاصٍ، معاصٍ ثلاث، أشدّ المعاصي... حسب الحديث أن هؤلاء لا يشمّون رائحة الجنّة، وأن ريح الجنّة يُشَمّ من مسيرة مئة عام طبعًا هذه تعبيرات دينية، لا تستغربوا من هذا التعبير، يعني في منتهى الظلم هذه المعاصي الثلاث، ما هي؟
أولًا، الشرك بالله.
ثانيًا، استرقاق الحر، يعني واحد يأخذ إنسانًا حرًا ويجعله عبدًا.
ثالثًا، منع الأجير أُجرته.
ونحن نعرف أن المعصية أي معصية في الإسلام في المجتمع الإسلامي لها مجازاة، يعني أنا حرّ في أن أشرب الخمر أو أكذب، لا، في المجتمع الإسلامي هناك تعزير أمام كل معصية، وفي حال تكررت المعصية هناك حدود، حقوق الناس تُحمى.
ولذلك، نحن نتمكن أن نقول إن رأي الإسلام (في المجتمع الذي يحكم فيه الإسلام) أن منع الأجير أُجرته يُعادل الشرك بالله. الشرك بالله والاسترقاق بطبيعة الحال يحقّ له أن يفرض حدًّا لعدم استغلال الأغنياء للفقراء، وهذا شيء ممكن أن يمارسه المجتمع عن طريق الحكم بكل سهولة.
فإذًا، منع الأجير أُجرته من هذا القبيل، بالإضافة إلى الأحاديث التي وردت في ضرورة الإسراع في تأمين حقّ الأجير، كذلك قبل أن يجُفّ عرقه، ثم ما ورد في رفع معنويات الأجير. العمل ليس شغلًا جافًا يُقدِّمه العامل كمكنة حتى يأخذ الأجر ويأكل؛ العمل عبادة، زيادةً على أنه كسب، عبادة. إضافةً على ذلك الحديث يقول: العبادة سبعون جزءًا أفضلها العمل، ويقول الإمام الصادق (ع) في حديث له حينما رآه أحدهم وهو يبني حائط بيته -هو بيده يعمل طينًا ويبني الحائط- والعرق يتصبب من وجهه، فيقول له الراوي: سيدي، أين الغلمان؟ لماذا [تعمل] أنت بنفسك! أليس هناك أولاد، أليس هناك شباب، أليس هناك عُمّال؟! قال له: إذا أنا عملت بيدي، فقد عمل بيده من هو خير مني ومن أبي، وهو رسول الله وعلي بن أبي طالب وآبائي كلهم كانوا يعملون باليد. محاولة [منه] لرفع معنويات العامل واعتبار أنفسهم من طبقة العمال.
وبعد ذلك حديث آخر عن الإمام الباقر (ع)، يقول أحد الرواة الكبار من الصوفية اسمه محمد بن المنكدر يقول: بعد وفاة علي بن الحسين زين العابدين (ع) كنت أظنّ أنني لن ألتقي برجل يُعادل علي بن الحسين، حتى التقيت بولده محمد الباقر أبي جعفر. ثم ينقل قصة مقابلته مع أبي جعفر (ع)، فيقول: كنتُ في صحراء المدينة في يومٍ حار قُبيل الظهر، فوجدت من بعيد شيخًا من مشايخ قريش، لبسه كان مثل العشائر، شيخًا من عشائر قريش يزرع فقلت: سبحان الله، شيخ في هذا الوقت ما أحرصه في طلب الدنيا! فحينما اقتربتُ منه رأيت أبا جعفر محمد الباقر، قلت له: سيدي، أفي مثل هذا الوقت، وفي هذا العمر؟ والإمام الباقر كان سمينًا في الجسم، والعرق يتصبب من وجهه، يُعبِّر بكلمة مؤدبة لا يريد أن يقول كلمة قاسية، ولكن في الحقيقة هي كلمة قاسية، يقول: ماذا ترى لو لقيت ربّك على مثل هذه الحالة؟ -يعني إذا متَّ الآن وأنتَ في حرص بسبب الدنيا تزرع من أجل المال، ماذا ستقول لله-، يقول: مَهْ يا ابن المنكدر، إذا لقيتُ ربّي في هذه الحالة، أنا ألقاه وأنا أعبده، -يعني أنا مشغول بالعبادة الآن في هذا العمل-، وإنما ما أخشاه أن ألتقي ربّي وأنا أعصيه، أمّا وأنا أزرع فأنا في حالة العبادة، أنا أتمنى أن أموت في مثل هذه الحالة. فتجدوا هذه الأحاديت التي ذكرت نماذج منها، أن هناك محاولة لإعطاء القوة المعنوية للعامل حتى يرفعوا من مستوى العامل ويحافظوا على معنوياته.
هذه النقاط التي تُحيط من كل جانب بحماية حقوق العامل نُقاط أدبية وضمانات مادية أيضًا تصون حقّ العامل في هذا الوقت ومن جانب آخر، هناك شيء يشبه الضمان الاجتماعي، لأن أحد الإخوان سألني في الأسبوع الماضي أن مشكلة الضمان مطروحة في هذا اليوم، فلنتحدث عن رأي الإسلام فيه، طبعًا هذا جزء من الحديث الذي نتحدث فيه.
في الحقيقة نحن نرجع ونقول فيما يعود إلى آراء الإسلام الاقتصادية، [أنه] لا يمكن أن نجد في القرآن أو في كتب الفقه بابًا أو كتابًا باسم الاقتصاد، أو باسم توزيع الثروة، أو باسم نظرية القيمة، ولذلك، إذا أردنا أن نكون واقعيين يجب أن نستخرج من خلال الأحكام المختلفة، وفي مواضيع مختلفة نستخرج الرأي الاقتصادي. طبعًا أنت لن تجد في الأحكام الإسلامية حكم باسم الضمان الاجتماعي... لا يوجد، ولكن مع ذلك بإمكانك أن تجد كل شيء من المنتجات الصحيحة من خلال الأحكام. مثلًا، في باب التقاعد هذا الذي يُسمّى بالمعاش، أُحيل للمعاش أو للتقاعد، موجود نماذج منه في الإسلام، يعني كان في يوم من الأيام، الحديث مروي عن الإمام علي بن أبي طالب (ع)، أنه وجد شيخًا نصرانيًا يتسوّل فسأل: ما هذا؟ قالوا: شيخ عجوز عَجِزَ عن العمل فيتسوّل، فقال: استعملتموه حتى عَجِز، أنفقوا عليه من بيت المال.
صورة بسيطة جدًا ولكن حقيقة ما هو التقاعد؟ "استعملتموه حتى عَجِز"، يعني كان يُقدِّم خدماته للمجتمع، ليس مجانًا [بل] بأجر، كان يشتغل كفلّاح، (كدكّنجي) كأي شيء من هذه الأشياء، كان رجلًا يشتغل في هذا المجتمع حتى عَجِز... "أنفقوا عليه من بيت المال". ما هو بيت المال؟ خزانة يعني، صندوق الدولة سمِّه بيت المال أو سمِّه المالية أو سمِّه كل شيء، "أنفقوا عليه من بيت المال"، يعني أعطوه حقّ التقاعد.
فإذًا، نماذج من هذه التوجيهات موجودة من خلال الأحكام، إنّما علينا على ضوء التطور أن نُنظِّم ونُطبِّق ونستخرج منها قوانين وأبحاث متناسبة.
ثم بخصوص الضمان الاجتماعي، في أخبار الزكاة نحن أيضًا نقرأ أحاديث كثيرة، هذه الأحاديث تؤكد أن الصدقة لا تحلّ لمحترف ولا لذي مُرّة سويّ قويّ، محترف يعني المتسوّل الذي جعل حرفته السؤال، هذا واحد؛ ولا لذي مُرّة قويّ سويّ، الشخص القادر والذي أصبح فقيرًا لعدم ممارسته الشغل لا لفقره، ولا لعجزه ... هذا لا يُنفَق عليه. ولكن الشخص الذي يشتغل، ولكن لا يتمكن من تأمين كافة ظروف حياته، هذا هل يجوز لنا أن نعطيه أو لا؟ نعم، أيضًا بدليل حديث، شخص يسأل الإمام الصادق فيقول: سيدي، هل أُنفق زكاتي على فلان؟ يُسمّي شخصًا معيّنًا جاره أو شخص يقول: نعم، لِمَ لا! يقول: هو يعمل ورأيته يشتري اللحم -يبدو أن وقتها الفقير ما كان يتمكن من شراء اللحم لأنه مثلما قلت مستوى الحياة الاجتماعية يتغير- فقال له الإمام: نعم أنفقوا عليه ليُنفق على أهله، ليُلحقهم بالناس.
نقف عند هذه الكلمة: "ليُلحقهم بالناس"، يعني يرفع مستوى حياتهم حتى يُخفف من وطأة الاختلاف الطبقي. والفقهاء متفقون على أن العامل الذي لا يتمكن من تأمين كل حياته يجوز إنفاق الزكاة عليه، ما هي الزكاة؟ يعني بيت المال، ما هو بيت المال؟ يعني خزينة. من أين تتكوّن هذه الخزينة، أموال الخزينة؟ من الزكاة، الزكاة التي تُؤخذ من أصحاب الأراضي، من الزراعة، من التجارة وأنواع ذلك.
فهذه النقاط الرئيسية، أو مصادر الاستخراج للحكم تكفي أن نعتقد أن لكل من يعمل، كل من يعمل يعني لا يوفّر نفسه، يعني لا يبخل ببذل الجهد، إذا ما وجد عملًا، هو راضٍ بأن يشتغل يُقدّم جهده ولكن إذا لم يكن من شغل هذا واحد؛ أو الذي يشتغل ولا يتمكن أن يؤمِّن جميع نفقات حياته إما لأنه لا يجد الشغل المناسب، أو لأن طاقته لا تساعده على أكثر من ذلك.
فالإنفاق من الزكاة واجب، يعني ما نسميه اليوم بالضمان الاجتماعي، مع الفرق أن الضمان الاجتماعي، صندوق الضمان من أين يتكوّن؟ يتكوّن من مساهمة العامل وصاحب العمل والدولة، كما تعرفون صندوق الضمان يتكون من هذه العناصر الثلاثة وإن كانت الدولة تدفع بوصفها ربّ العمل أيضًا، صاحب المؤسسة الكبرى باعتبار أنه موظف في الدولة... عمال عند الدولة. هذا أسلوب الضمان الاجتماعي.
طبعًا هذا أسلوب آخر، نحن بإمكاننا أن نذكر الأسلوب الإسلامي، الزكاة، الزكاة مِن مَن تُؤخذ؟ من كل من يربح سواء كان عنده عامل أو لم يكن عنده عامل، أُنظر التضامن أوسع، مثلًا أنا عندي دكانة، أنا صاحب الدكانة وعندي عمال، عمالي يستفيدون من الضمان الاجتماعي، من الضمان الصحي، راتب أيام العطلة، أيام المرض، أيام الشيخوخة والتقاعد أليس كذلك؟ كل هذه المسائل يجب أن تُدفع، إسلاميًا يجب أن تُدفع، مِن مَن؟ من الزكاة، الزكاة مِن مَن؟ ليس من صاحب الدكان، ربما أنا صاحب الدكان أيضًا فقير، أو أن دخلي لا يُساعدني على أن أدفع، الضمانة الإسلامية [تقول] أنه من الممكن أن يكون صاحب دكان ثانٍ يربح أكثر فيُعطي أكثر؛ يعني في الحقيقة هو يُشارك في الضمان الاجتماعي لعماله ولعمالي وأنا لا أدفع شيئًا لأنه لا يؤخذ بشكل أعمى عن كل صاحب بيت، كل صاحب دكانة، كل صاحب مصنع وكل عامل.
مشاركة العامل أيضًا غير موجودة في الإسلام، العامل كعامل لا يُشارك، العامل إذا ربح وازداد ربحه يُشارك يعني يُشارك بشكل الضريبة، بشكل الزكاة والخُمُس وليس بشكل كل عامل. ولذلك، بإمكاننا أن نقول إن في النتيجة تضمين حياة العامل الذي لا يوفر جهدًا لخدمة المجتمع، تضمين حياته موجود في الإسلام سواء كان في أيام الشيخوخة، أو مساعدة مَرَضيّة، أو أجرة أيام العطلة وأيام المرض، أو مساعدة لأجل الأولاد بشكل المساعدة العامة (عندما تكون عنده عامة)، ليُنفق على أهله ليُلحقهم بالناس. من أين مصدر هذا الضمان؟ من بيت المال، بيت المال من أين يتكون؟ يتكون من الزكاة، يتكون من الخُمُس، من الكفّارات، من الإنفاق ولا ننسى سائر الموارد التي تُموّل الخزينة، وإذا نقصت الخزينة يحقّ للحاكم أن يفرض ضرائب كما نحن نعلم.
فإذًا، الغاية واحدة، ولكن الأسلوب نترك مقايسة الأسلوب عليكم، أي الأساليب أكثر إنسانيةً وأكثر حقًا، هل نُغمض عيوننا ونقول [على] كل عامل [أن] يدفع، بينما هناك عامل يأخذ كميات قليلة، وهناك عامل يأخذ كميات كبيرة، وكل صاحب عمل يدفع بينما أصحاب الأعمال... أيضًا هذا يختلف، نوعية الأعمال تختلف.
في الإسلام نقول لا، كل من يربح يَدفع، من الربح الصافي يَدفع، نتيجة واحدة ولكن الأسلوب الإسلامي أكثر إنسانيةً حسب ما أعتقد وحسب رأيي.
فإذًا، تضمين العمل يعني السود(1) الصافي ينتقل إلى قسم من السود الصافي من الربح الصافي ينتقل إلى الدولة، إلى الخزينة، إلى بيت المال، لكي يُؤمِّن ما نسميه اليوم بالضمان الاجتماعي، وما كنا نُسميه سابقًا من تأمين الوسائل، النواقص الحياتية عند الطبقات الكادحة.
هذه خلاصة استعراض للأشياء التي مرّت.
عندنا أسئلة من الأسبوع الماضي إذا سمحتم نكفّيها ثم نتحدث في جوانب أخرى من البحث.
س: ماركس اكتشف القيمة الفائضة، التي على أساسها بنى نظريته في رفض الملكية الخاصة وعلى أساس توزيع الثروة بين العناصر الثلاثة العمل والآلة ورأس المال، تبقى القيمة الفائضة تشكّل الثروات الكبيرة على حساب العنصر الضعيف: العامل، فكيف يؤمّن الإسلام حقّ العامل ويمنع تكدّس الثروات؟
ج:
أتصور الليلة أيضًا أتينا على ذكر هذا الحديث بأن الربح الصافي أولًا، ليس غير شرعي، بدليل رفض نظرية القيمة وبدليل أن الثروة الجديدة تتكون.

ثانيًا، الربح الصافي يجب توزيعه، كيف يتوزع؟ معتمد على وعي الجانبين وإلّا حماية الدولة. أمّا تكديس الثروات، فأنا ما أتصور أننا نُحارب الثروات، ونموّ الثروات كما قلنا النظرية الإسلامية [تقول] إن الفقر غير شرعي، أما الغنى فليس غير مشروع، قد يكون هناك غنى مشروع، متى يكون الغنى مشروعًا؟ حينما لا يكون في المجتمع فقر، أما إذا وُجد فقر فهذا دليل على معصية الأغنياء وتقصيرهم عن الدفع.
تكدُّس الثروات يعني تجمُّع الثروات هذا مُحرَّم شرعًا إن: ﴿الذين يكنزون الذهب والفضة ولا يُنفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم﴾ [التوبة، 34] تكديس الثروة عنوان آخر، أن يكون الإنسان مثرٍ ليس حرامًا، لكن تكديس الثروة، يعني تجميد المال هذا مُحرم؛ إذا كان بشكل الذهب والفضة، الزكاة تفتته وتروّحه، يعني كل سنة واحد على عشرين، واحد على عشرين، يذهب في خلال 20 سنة والثروة المكدسة تنتهي. وإذا لم يكن من الذهب والفضة، احتكار، منع المال من التحرك، هذه المسائل الاقتصادية المعروفة.
س: هناك قول إن الاشتراكية من الإسلام، هل هذا صحيح وإلى أي مدى؟
ج: نحن أجبنا عن هذا السؤال بأن الاشتراكية في الحقيقة ترجمة لكلمة socialisme، لكن socialisme ترجمتها الاجتماعية رأي اجتماعي وليس رأيًا اقتصاديًا، ولكن هذا الرأي الاجتماعي ينتقل إلى الرأي الاقتصادي الذي هو ملكية الجماعة، ملكية الجماعة والتنكر لملكية الفرد لا يمكن أن يكون له مصدر علمي إلّا إذا اعتمدنا نظرية فائض القيمة، القيمة الفائضة. أما حقّ التأمين كما قلنا في الحالات الاستثنائية فيحقّ للدولة أن تؤمِّم في الحالات الاستثنائية، يعني مثل الحرب، مثل الظروف الاستثنائية الخاصة عند ذلك يحقّ لها.
ومن مجموع ما قلنا بإمكاننا أن نقول إن الاشتراكية اليوم تُستعمل في معانٍ متعددة جدًا، كثير من الدول والحكام والأحزاب سمّوا أنفسهم اشتراكيين، ولذلك ما بقي للاشتراكية تعريف محدد حتى على ضوئه نقول هذا اشتراكي أو لا. لكن نحن عادة في الاقتصاد نُفضّل أن نسمي الأشياء بأسمائها، الإسلام هو الإسلام يشبه الاشتراكية، يشبه الرأسمالية لا يشبههما هذا شيء يخصّ الباحث. الإسلام هو الإسلام، الإسلام نظام اقتصادي، كما هو نظام اجتماعي، كما هو عقيدة وإيمان، وكما هو طقوس وعبادات إسلام إسلام، لا لزوم لاستعارة الاسم من هنا وهناك، لا نريد للإسلام كرامة أكثر من الإسلام حتى (نشحذ) للإسلام كرامة من هنا وهناك، لا نقبل أبدًا. الإسلام إسلام وفوق كل شيء، يشبّه ببعض الحالات، يؤمِّم في بعض الحالات، لا يعترف بالثروات في بعض الحالات صحيح، مشابه مشابه، غير مشابه غير مشابه، نحن نذكر الفروق. مثلما قلت أنا شخصيًا لا أجد أي عقدة، ولا أجد في الإسلام أي احتقار حتى أزوِّد الإسلام وأنفخه بقوة الاشتراكية، أو الرأسمالية، أو حتى الديمقراطية يعني، ما الديمقراطية؟
س: إذا كان التوزيع كما ذكرتم على عناصر الإنتاج الثلاثة: العمل، والآلة، ورأس المال، والمجتمع أيضًا (صارت أربعة)، فإن حصة الرأسمالي هي مكونة من حصّتين: حصة رأس المال زائد حصة الآلة، وهذا يُساوي أو يزيد حصتي العامل والمجتمع وهذا ما يؤدي تدريجيًا إلى تكوين المجتمع الرأسمالي.
ج: أولًا، قد لا يكون رأس المال صاحب رأس المال هو صاحب الآلة، وإذا كانا واحدًا كما قلنا [فإن] طُغيان الحصص بعضها على بعض غير وارد إطلاقًا؛ كل حصة أولًا، بمقدار العمل ثم الربح الصافي سيتوزع. أما [إذا] شخص اشتغل من زمان وكوَّن الآلة ورأس المال ولو [كانا] صغيرين مع بعض، فهذا من تعبه السابق.
في بحث آخر ربما نعرف في آخر الحديث، أنه إذا أقمنا الاقتصاد الإسلامي في المجتمع فهل تزداد الثروات؟ هناك أحاديث ترفض وتقول لا، لن تتكون ثروات كبيرة، لا أدري، هذا بحث آخر المفروض أن نطرحه بشكل آخر.
س: ما معنى الدنيا جيفة وطلابها كلاب؟
ج: جواب هذا يقوله الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)، يقول أحدهم للإمام: سيّدي، أنا مبتلى بالدنيا، فيقول: وماذا تقصد بالدنيا، يقول: أشتغل بالتجارة، -رجل كان يشتغل بالتجارة يعتقد أنه مبتلى بالدنيا-، يقول له الإمام: ماذا تعمل؟ يقول: أشتغل بالتجارة، فأربح، فأصِل رحمي وأنفق على عيالي، وأكفُّ نفسي الحاجة إلى شرار الناس وأَصِلُ جيراني وأبرُّهم. الإمام يقول: هذه هي الآخرة وليست الدنيا. الدنيا أسلوب من الحياة، تقسيم الدنيا والآخرة: لا يمكن أن نقول إن الصلاة آخرة، التجارة دنيا... لا، قد تكون الصلاة دنيا وقد تكون التجارة آخرة، كيف تكون الصلاة دنيا؟ إذا صلّيتَ لكسب مجد، من أجل الرياء، من أجل كسب هذا وذاك... هذا دنيا. الدنيا مؤنث، صفة للموصوف المحذوف الحياة الدنيا، يعني الحياة الدنيّة يعني الأسلوب عفوًا، الأسلوب الوضيع من الحياة، يعني الذي يعيش كي يملأ بطنه، وكي يطفئ نار شهوته ويغطي نفسه، هذا الشخص الذي لا يفكر إلّا بهذا الحجم الصغير من الوجود الذي اسمه أنا، هذا حياته حياة دنيا. أما الآخرة يعني الشيء الثاني، الآخر الثاني، الحياة الآخرة، يعني الإنسان الذي ينظر إلى أوسع من نفسه، يعني يقوم بخدمة الآخرين... هذه الآخرة.
فإذًا، الدنيا جيفة يعني الذي يُفكر في الحياة الدنيا، وغايته من الحياة الشيء الصغير العابر الذي هو جيفة في الحقيقة، إذا نزعنا عن الجسد السموّ فهو ليس إلّا جيفة، مثلما يقول الحديث الآخر الشريف: أولها، -أول هذه الحياة- "ماء عفنة وآخرها جيفة ووسطها" كذا... (حديث لا أتذكره)، يعني الإنسان يبدأ أو -حسب تعبير الغزالي- يخرج من المكان الفلاني وآخره يدخل في القبر. هذه الأوصاف أو هذه الكلمات التي وردت في رفض الدنيا، كلها وردت في رفض الحياة الدنيا.
أما إذا الإنسان اشتغل بالتجارة لخدمة الناس، اشتغل بالزراعة لخدمة الناس، -ومن الناس أولادي، أولاد الإنسان من الناس: "الخلق عيال الله وأحب الخلق إليه أنفعهم لعياله"- فإذا خدمت، إذا اشتغلت بالتجارة، القرآن الكريم يعبّر يقول: ﴿وابتغِ فيما آتاك الله الدار الآخرة﴾ [القصص، 77]، ابتغِ الدار الآخرة، يعني تقصد أنت في كل ما أعطاك الله الشيء الثاني، الشيء الأوسع، الشيء الأرفع، بهذا المعنى معنى الدنيا جيفة وطلابها كلاب صح؟ لأنه محدود ولا يُرضي طموح الإنسان غير المحدود، وبالتالي يحوِّل الإنسان المقبل على الدنيا يجعله كالكلب، يعني يتصارع لأجل الشيء الصغير.
س: هل رأس المال الموروث يحقّ له أن يأخذ ربحًا، حيث إن في هذا الرأسمال ما قام صاحبه بعمل، هل يمكن أن نفترض له حصة في الأرباح؟
ج: هذا سؤال معقول، نحن قلنا إن رأس المال ما هو إلّا تجسيد لعمل؛ حسنًا! رجل اشتغل وجسّد عمله في رأس المال ومات، رأس المال انتقل إلى أولاده، أولاده لم يشتغلوا في هذا الشيء، طالما العمل غير موجود من صاحب رأس المال، فهل يحقّ أن يأخذ حصة؟ نعم، هذا السؤال لطيف وجميل، وجوابه هذا بحث آخر ومفصّل حول أن الإنسان الذي جمّد حياته وعمله في رأس المال، في رأسمالٍ أو في آلةٍ أو في شيء، حتى نعطيه قدر المستطاع ويستفيد من هذا الشيء. مات هذا الرجل، ماذا نصنع؟ أقرب شيء أن نعطي [رأس المال] أولاده. وإذا أردنا أن يبرز هذا الأمر في ذهننا ننظر إلى الناس الذين يشتغلون لأولادهم من الأساس يعرفون أنهم لن يستفيدوا من هذا البيت، يشتغلون من أجل أولادهم؛ يعني الميراث وانتقال رأس المال إلى الأولاد غاية من غايات الذي يعمل، يعمل لكي يعطي أولاده. فإذًا، هو اختار هذه النتيجة تمامًا مثل الشخص الذي يملك مالًا ثم يهبه لشخص آخر، هذا يدخل في إطار حرّية الإنسان، في تصرّفه في إطارٍ معين لا يضرّ المجتمع. والحقيقة أن البحث في الميراث بحث مستقل. القرآن الكريم يبرّر الميراث بكلمة: لـ ﴿كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم﴾ [الحشر، 7]، يعني الثروات الكبرى تتجزأ وتتحطم عندما تتقسم بين الورثة، والميراث أساسًا اتفاقية اجتماعية يعني يتفقون على توزيع الثروة بشكل أو بآخر، فإذا يسمح صاحب السؤال نترك البحث عن الميراث ككل كبحث اقتصادي في المستقبل.
س: على أي أساس يوزع الحاكم الشرعي الربح الصافي على وسائل الإنتاج والتوليد؟
ج: ذكرنا على أساس كمية العمل يعني الربح الصافي بنسبة المشاركة، هذا إذا لم يكن هناك اتفاقية مسبّقة، أنا أقدّم مئة ليرة، وأنت تقدّم مئة ليرة، والثالث يقدّم مئة ليرة، إذا لم يكن هناك اتفاقية، نموّ 300 ليرة الذي هو نسميه الربح الصافي ينقسم ثلاثًا بين العناصر الثلاثة، فإذا كان عمل العامل والعمل المتجسد في الآلة والعمل المتجسد في رأس المال، [لم يكن هناك من] اتفاقية مسبّقة، [فإن] الربح الصافي يجب أن يتوزع بين الثلاثة بعد دفع الحقوق للعنصر الرابع: عنصر المجتمع. أما إذا كان هناك اتفاقية مسبّقة يعني قالوا للعامل أنت تأخذ مبلغ كذا، يعني حرموا العامل من الربح الصافي، فهنا يأتي هذا البحث الذي طرحته: إما أن يكون هناك وعي يعني لا يكون سفه، لا يكون جهل بالإنتاج، لا يكون ظروف استثنائية، إذًا، عن ملء إرادته العامل تنازل عن حقّه، هو يحقّ له مثلما يحقّ له أن يبيع للآخرين أو يهب للآخرين، يحقّ له أن يتنازل عن حقّه، وإذا لم يكن عنده ظروف استثنائية مثل السفه، أو مثل الجهل، أو مثل الفرض والإكراه، عند ذلك الدولة أو الحاكم يحمي، أي تأخذ الربح الصافي وتوزعه على ثلاثة.
س: لو تسمح لنا في الشرح عن حقّ العامل من الإنتاج من أحكامنا الإسلامية، وحينما يعمل العامل في اليوم كذا ساعة، وينتج بمقدار أكثر من [الأجر القليل الذي يُعطى له]، فكم يجب أن يكون أجر هذا الأجير [من الناحية] الشرعية؟
ج: أتصور [أن] الجواب وصل، يعني نحن قلنا إن مقدار مساهمة العامل في الإنتاج يُعرف من كمية العمل المشارك في الإنتاج، وهذا حسابه سهل جدًا.
س: نرجو استمرار البحث في الاقتصاد الإسلامي.
ج: هذا السؤال الذي طرحته سيُقترح أن تستمرّ "أبحاث في الاقتصاد".
س: لم نتبين بوضوح لمن يكون الربح الصافي؟
ج: أظنّه ورد في خلال الأسئلة.
س: ما تكوّن رأس مال لأي فرد إلّا من وراء استغلال مجموعة من الناس، لذلك يجب ألّا يملك هذا رأس المال فرد واحد بل أن يكون ملكًا للمجتمع، وبالتالي للدولة، وبذلك يمكن توزيع الإنتاج على ثلاثة عناصر: العامل والآلة والدولة.
ج: هذا ادّعاء، لا يمكن أن يُثبت صاحب السؤال هذا الرأي، يعني يقول إنه لا يتكون رأس مال إلّا من وراء الاستغلال، لا يتمّ هذا الادّعاء إلّا عن طريق نظرية القيمة الفائضة، غير هذا لا يمكن أن تقول لا يتكون رأس مال إلّا من الاستغلال. نعم 99 بالمئة بالفعل من رؤوس الأموال الموجودة في العالم اليوم، خاصة رؤوس الأموال الكبيرة، من الاستغلال، لكن لا نقدر أن نحكم حكمًا قاطعًا، مثلما قلت الحكم الإسلامي ليس حكمًا طبقيًا صادرًا عن طبقة ضد طبقة أخرى، بل إنه حكم العدالة، حكم الحقّ. قد يكون الحقّ مع القوي، وقد يكون الباطل مع الضعيف. الضعف والفقر والمسكنة لا تجعل الباطل حقًّا، والقوّة والمَكِنَة والجاه والمال لا يجعل الحقّ باطلًا، الحقّ حقّ أينما كان والباطل باطل أينما كان. الضعيف يجب أن يُؤخذ منه الحقّ، يجب ألّا يحول ضعفه دون أخذ الحقّ.
_____________________________
1- الربح باللغة الفارسية.

source
عدد مرات التشغيل : 3